إقالة قرداحي وإلا ترحيل اللبنانيين من السعودية.. تفاصيل زيارة موفد الجامعة العربية لبيروت

إقالة قرداحي وإلا ترحيل اللبنانيين من السعودية.. تفاصيل زيارة موفد الجامعة العربية لبيروت

 ما زالت الأزمة السياسية والدبلوماسية بين لبنان ودول الخليج، خاصةً السعودية، مستمرة، إذ وصل إلى بيروت، اليوم الإثنين 8 نوفمبر/تشرين الثاني، وفد من الجامعة العربية برئاسة حسام زكي، الأمين المساعد للجامعة العربية، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة.

وكشفت مصادر دبلوماسية ، أن حسام زكي التقى كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس البرلمان نبيه بري، ونقل لهم ضرورة استقالة جورج قرداحي؛ لتجاوز الأزمة مع دول الخليج.

وحسب معلومات المصدر فإن موفد الجامعة العربية لم يرفع سقف توقعاته لإنهاء الأزمة بين لبنان والخليج خلال زيارته لبيروت؛ وذلك بسبب تجاربه السابقة مع القوى السياسية في البلد، خصوصاً حزب الله.


تفاصيل زيارة وفد الجامعة العربية

قال مصدر دبلوماسي، إن الأمين المساعد للجامعة العربية لم يحمل أي مبادرة للبنان، لكنه أكد الدعم العربي لها، ومواجهة كل ما يمكن أن يسلخها عن العرب، وعدم السماح لها بتكرار السيناريو السوري في المنطقة.

وأضاف المصدر أن زكي وصل إلى بيروت؛ ليؤكد رسالة واضحة إلى الفرقاء السياسيين في البلاد وهي: "إن لم تكونوا قادرين على الخروج من الحفرة، فأوقِفوا الحفر تحت أقدامكم".

وأشار المصدر إلى أن زيارة المبعوث العربي، اليوم، للبنان ليست بديلاً عن المبادرة القطرية التي قد يحملها وزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لبيروت في الـ16 من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، والتي أتت عقب اللقاء الذي جمع ميقاتي مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في غلاسكو بأسكتلندا، على هامش فعاليات قمة الأمم المتحدة للمناخ.

في ضوء تشدُّد حزب الله وعدم قبوله استقالة جورج قرداحي دون ضمانات بعودة السفراء الخليجيين، فإن مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية أبلغ المسؤولين في بيروت أن إقالة وزير الإعلام، ​جورج قرداحي​، قبل زيارة وزير الخارجية القطري، ستكون مدخلاً للحل مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.

ووفقاً لمصدر دبلوماسي عربي، فإن ممثل الجامعة العربية رفض تقديم أي ضمانات لتراجع الرياض عن خطواتها حيال لبنان بعد ​استقالة​ قرداحي، كما أنه أبلغ المسؤولين بأن هناك تلميحات سعودية ببدء ترحيل جزئي للمواطنين اللبنانيين، من أراضيها إذا فشلت مهمته.


تشبُّث قرداحي بالوزارة

وفيما تنطلق مواقف تدعو الرياض إلى التهدئة وإعادة النظر في إجراءاتها المتخذة ضدّ لبنان، تستمر الاتصالات داخلياً لبلورة مخرج من شأنه أن يقنع القيادة السعودية ومعها دول الخليج، بتغيير موقفها إيجاباً.

وهذا المَخرج يصرّ عليه المسؤولون الكبار، لاسيما رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي اللذان أكدا من خلال كل المواقع والجلسات ضرورة استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي؛ لاقتناعهما بأنّها تفتح باب الحل مع الجانبين السعودي والخليجي.

وتؤكد مصادر سياسية مطلعة على مواقف عون وميقاتي، لـ"عربي بوست"، أن الرئيسين يستغربان عدم تجاوب الوزير قرداحي مع دعوتهما إلى تحكيم ضميره وحسّه الوطني بالاستقالة، لكي يتيح الفرصة لمعالجة الأزمة مع السعودية التي بَنَتْ ما اتخذته من إجراءات ضدّ لبنان على مواقف تبناها قرداحي قبل تعيينه وزيراً في الحكومة.

وتعتقد المصادر أن يكون عدم تجاوب قرداحي سببه خضوعه لمجموعة من الحسابات السياسية والشخصية، التي تُعنى بمصالح بعض القوى المؤيّدة له في موقفه والقوى التي يتلاقى معها سياسياً، أي حزب الله وتيار المردة.


هل طُويت استقالة ميقاتي؟

بالتوازي مع ذلك، فإن الحديث عن استقالة رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، قد طُويت في الوقت الحالي، لأن الرجل تلقى جرعات دعمٍ من كل الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، ومصر، فبدأ البحث عن حلولٍ أخرى قد تؤدي إلى حلٍّ يُعيد انتظام العمل داخل مجلس الوزراء.

وأكد المصدر أن ميقاتي وخلال مشاركته في مؤتمر المناخ بغلاسكو، حاول الضغط على قرداحي؛ للاستقالة، من خلال الاستعانة بأكثر من شخصية سياسية؛ لحثه على خروجٍ آمن من الحكومة يحفظ من خلاله لبنان من الذهاب للمجهول.

كما طلب ميقاتي من حزب الله وحركة أمل مساعدته في منحه خطوة ايجابية يطرحها في لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي والرئيس الفرنسي، وتقدير موقفه أمام المملكة السعودية عبر تقديم قرداحي استقالته كبادرة حسن نية لبدء حوار مع السعوديين.

ووفقاً للمصدر ذاته، فإن ميقاتي وخلال نقاشاته مع الأمريكيين والفرنسيين أكدوا له أنه لن يكون لهم تأثير على السعودية، لأنه لا ميقاتي ولا أي طرف يستطيع تقديم ما تطلبه السعودية على أنها مطالب إقليمية مرتبطة باليمن وسوريا، وبالتالي فالتصعيد من ناحيتها سيُكمل مساره بوتيرة أشد وأصعب، وقد يتطور لعقوبات ووقف تحويلات مالية ووقف رحلات طيران.

لذا فإن ميقاتي، وفقاً لمصدر "عربي بوست"، بات بحاجة لتقديم خطوات تُليِّن الموقف، لإعادة استئناف عمل الحكومة مجتمعة بعد أن تحوّلت إلى حكومة تصريف أعمال، بسبب تشبُّث الثنائي الشيعي بمطالبه في ملفَّي تنحية قاضي مرفأ بيروت طارق البيطار وأحداث الطيونة.

وأكد المصدر أن الضغوط الأمريكية التي مورست على السعودية، أدت إلى وقف خطوات التصعيد الخليجية ضد لبنان.

وأضاف مصدر، أن القطريين والكويتيين طلبوا من ميقاتي ورقةً تكون بمنزلة بادرة حسن نيّة يمكن الانطلاق منها للتفاوض مع السعودية والإمارات، لكنّ رئيس الحكومة كان عاجزاً عن منح هذه الضمانة، بسبب رفض حزب الله استقالة قرداحي.


دعم داخل لبنان لميقاتي

محلياً يرى مصدر أن ميقاتي تلقى جرعة دعمٍ قوية من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ومن بيان رؤساء الحكومات السابقين، سعد الحريري وتمام سلام وفؤاد السنيورة، والذي دعا الفرقاء كافة على الساحة اللبنانية إلى التعاون معه للخروج من المأزق الذي يعيشه لبنان في علاقاته مع أشقائه العرب، خاصةً المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.

كذلك تلقّى ميقاتي جرعة من العيار نفسه من رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، الذي شارك في اجتماع المجلس الشرعي، وأكّد أن الوقت غير مناسبٍ الآن للمطالبة باستقالة رئيس الحكومة؛ لعدم إفراغ الساحة أمام حزب الله وحلفائه.

ويؤكد المصدر أن هذه المواقف أتت بعد أن كان ميقاتي حدّد خريطة طريق للخروج من هذه الأزمة، تبدأ من استقالة قرداحي، وتفصل بين عمل مجلس الوزراء وعمل القضاء.

وأشار إلى أن استقالة ميقاتي لم تعد مطروحة في الوقت الحاضر، ولكن لن تعود اجتماعات الحكومة، ما لم تُحل مسألة قرداحي في ظل رفض حزب الله استقالته، وهذا يعني أنّ إحياء العمل الحكومي بات يستدعي معالجة مسألتي قرداحي والبيطار، وإلا فإنّ الشلل سيتواصل، وهو مفتوح على تصعيد سياسي.

ويرى المصدر أن ميقاتي قد حسم أمره بالاستماع إلى موقف الفرنسيين والأمريكيين المتمثل بعدم الاستقالة في الوقت الحالي، خاصةً أن الجانبين الأمريكي والفرنسي يحرصان على مطالب تبدأ بالإصلاحات ووقف النزيف الاقتصادي في لبنان، ولا تنتهي بملف ترسيم الحدود الذي سيشهد تطوراً خلال الأيام القادمة، بعد استعادة المبعوث الأمريكي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين.