الحَسنَاْء أمِ النِمْر

 
كلية التربية للعلوم الإنسانية 

قسم اللغة اإنكليزية

قصة قصيرة بعنوان (الحَسنَاْء أمِ النِمْر؟) للكاتب فرانك ستوكتون 

ترجمة الطالبة إيلاف حسن بريو جلوب

اشراف د. مجيد حميد جاسم


الحَسنَاْء أمِ النِمْر؟

في الزمن الغابر البعید عاش ملك ذو طبعٍ ونزعةٍ ھمجية الى حدٍ ما، وكانت أھواءة على الرغم من كونھا قد صقلت وشحذت نوعاً ما مع تطور وتقدم البلدان اللاتینیة المجاورة إلا إنھا لم تزل ھائلة الحجم و مزدھرة و منطلقة غیر مقیدة ، و بالنھایة آلت الى ان تكون نصفه الثاني الذي اتصف بالبدائیة والھمجیة. كان الملك رجلا ذو نزواتٍ غزیرة وسلطان قدیر مكنه وتحت رغبته ان یحول كل نزواته المتنوعة الى حقائق واقعة .كان مغرماً بذاته وبذلك عندما یتفق مع ذاته ونفسه على شيء فأنه ینجز لا محالة. وكان كلما یسیر كل جزء من تنسیقاته كانت محلیة او سیاسیة بسلاسة في مساراتھا المقررة تجدهُ مسروراً ودوداً ولكن أینما كان ھنالك عقبة صغیرة او عندما تخرج بعض قراراته عن مساراتھا المحددة مسبقاً تجده على غیر المتوقع أشد سروراً واكثر وداً . ذلك بأنه لا یسره شيء أكثر من أن یقُوِمَ المعوج وأن یسحق غیر السوي بالأرض. ومن نزواته المستعارة مسبقاً والتي اصبحت من خلالھا طبیعته الھمجیة اكثر بروزاً كانت میدان القتال العمومي والذي من خلاله وبواسطة العروض الرجولیة الآدمیة والبسالة الوحشیة البطشة المقامة فیه ، أصبحت عقول رعایاه صافیة ،مصقولة ومستمتعة. ومازالت حتى مع ھذا كله ھا ھنا نجد البضخ والھمجیة مجدداً یؤكدان وجودھما أیضاً حیث یظھر إن میدان قتال الملك قد بنيّ لا لمنح الفرصة للرعایا بإن یسمعوا صریخ المحاربین المحتظرین ولا لتمكینھم من مشاھدة المشھد الختامي للصراع الحتمي بین الآراء الدینیة المناظرات الشرسة المشحونة بالبلاغ بل إنما فقط لأجل إیجاد أسالیب أخرى أكثر تأقلماً وتنوعاً لتوسعة وتطویر وترفیه الطاقات العقلیة للرعایا. ھذا المدرج الھائل بمعارضه المحیطة وبقبوه الغامض وممراته المخفیة كان موضوعاً لعدالةٍ شاعریةٍ بحتة یتم من خلالھا معاقبة الجریمة ومكافأة الفضیلة بمراسیم واحكام صادرة عن طریق الصدفة العمیاء غیر القابلة للأختلال والتدخل. فعندما یتھم شخص ما بجریمة تبلغ من الأھمیة حد لجذب إنتباه الملك، یعلن على الملأ إن مصیر ھذا المتھم سیتم إقراره في حلبة الملك التي خصصت لھذا الغرض مسبقاً. ھیكلیة استحقت اسمھا بجدراة بالفعل. وعلى الرغم من كون ھیئتھا وأساس بنیانھا بالأصلِ كان مستعاراً من مكان بعید إلا إن غرضھا والھدف منھا دون شك كان منبثقاً من عقل ھذا الرجل ، الذي ھو بكل أونصة من جسده ملك.

ملكٌ لم یكن یعرف أي تقلید یدین به ولاءه أكثر من إشباع خیاله و نزواته، والذي غمس نفسه بكل شكل ینحدر من الأفكار والأفعال البشریة الغنیة والتي نمت من خلالھا مثالیته البدائیة والبربرية وتوسعت. و هكذا عندما یجتمع الناس جمیعاً في معارض الحلبة. والملك محاطاً برجال البلاط وجالساً عالیاً على عرشه الملكي على أحد جوانب الحلبة ، عندھا یعطي إشارتة وباب أسفل موضع عرشه یفتح ، فیخطوَ من عنده المتھم الى الحلبة وفي الجھة المقابلة له تماماً ضمن ذلك الحیز الدائري المغلق یجد أمامه بابین إثنین متشابھین بالكامل احدھما بجانب الآخر تماماً. 

وكان من واجب الخاضع للمحاكمة ومن حقه ایضاً أن یسیر مباشرة بإتجاه البابین وله الحق بأن يفتح أياً منهما. له الحق بأن يفتح أي باب يشاء ولم يكن هنالك أي شيء يرشدة أو أي مؤثر على قراره سوى تلك الصدفة البحتة التي لا یمكن التدخل بنتیجتھا.فإذا فتح أحدهما سيخرج منه نمر جائع ، أشد النمور شراسة وأكثرها قسوة مما يمكن العثور عليه. والذي سيثب عليه مباشرة حال فتح الباب ويقطعه إربا كعقاب لجريمته. وبالحظة التي يتم فيها الإعلان عن مصير المتهم في هذه الحالة يتم قرع أجراس حديدية كئيبة الصوت ويعلو نحيب من معزين مستأجرين متموضعين على الحافة الخارجية للميدان، بينما تجد ذلك الجمهور الغفير برؤوس مطأطأة و قلوب مثقلة بالحزن يغادرون سيراً ببطء صوب بيوتهم وهم يندبون ويلعنون حظ ذلك الشاب الطيب او ذلك الشيخ الوقور الذي كان بعيداً كل البعد عن إستحقاق مثل ذلك المصير البائس.


ولكن إذا فتح المتهم الباب الآخر، تتقدم منه للأمام صبية أكثر الفتيات مناسبة لعمره ومركزه والتي قام جلالة الملك بنفسه بإختيارها من بين أفضل رعاياه. ولهذه الحسناء الصبية يتم تزويجه لها في الحال مكافأة لظهور برائته . ولا يهم هنا البته إذا كان المتهم متزوجاً ولديه عائلة بالفعل او إذا كانت عواطفه منصبة على أحد آخر من اختياره مسبقا. لم يدع الملك لمثل هذه الترتيبات الجانبية أن تتدخل في تحقيق خطته العظيمة في العقاب والمكافأة.


والأحتفال وكما هو الحال في الحالة التي سبقت يقام مباشرة وفي أرض الميدان إذ يفتح باب آخر أسفل موضع الملك يخرج منه كاهن تتبعه فرقة من المنشدين وراقصات عذارى ينفخن أصداح الفرح في أبواق ذهبية يتقدمون جميعاً بخطوات منظمة صوب المكان الذي يقف فيه الزوجان معاً أحدهما بجانب الآخر. والزفاف يقام بأجواء تعمها البهجة والسرور وبعدها تقرع أجراس الإبتهاج النحاسية وتعلوا أناشيد الفرح ثم يطلق الناس أصوات بهجتهم ويتقدم المثبت برائته للأمام مصطحباُ عروسته عائداً الى منزله يتقدمه أطفال ينثرون الورود على الطريق.


وهذه كانت طريقة الملك شبه الهمجية في تطبيق العدالة. والإنصاف التام فيها واضح وصريح في أنه لم يكون للمجرم أي علم من أي باب ستخرج الحسناء ، يفتح أي باب يشاء من غير أن يكون لديه أدنى فكرة أنه في اللحظة التالية سيتم إلتهامه أو سيتم تزويجه. وكان النمر في بعض الأحيان يخرج من أحد البابين وتارة اخرى من الباب الآخر. والقرارات المتخذة هنا ليست عادلة فحسب بل كانت كذلك حاسمة على نحو ايجابي إذ إن المتهم يتعرض فوراً للعقاب إذا أثبت بأنه مذنب و إن كان بريئاً فيتم مكافأته على الفور كذلك. وسواء إن أعجبه القرار أم لا ، فليس هنالك مفر من أحكام حلبة الملك.


هذا الطقس كان معروفاً للغاية، وحين يجتمع الناس مع بعضهم في يوم من أيام المحاكمة العظيمة لم يكن لديهم أي فكرة فيما إذا كانوا مقبلين على مشاهدة  مذبحة دموية أم عرساً بهياً. وعنصر الغموض هذا أعطى لهذه المناسبة إثارة وتشويق لم يكن لتحدث لولاه. وعليه جموع الناس كانت مستمتعة ومسرورة. والجزء المفكر والمثقف من المجتمع لم يستطع من توجيه أي تهمة بعدم عدالة هذا الطقس، أوليس تقرير المصير برمته في يد المتهم بنفسه!؟


كان لدى الملك شبه البربري إبنة نظرة الجمال كخيالاته المتفتحة ذات روح متقدة ومتغطرسة كوالدها وكما هو شائع في هكذا حالات كانت الأميرة قرة عين الملك وقد أحبها حباً فوق جميع البشر. و من ظمن رجال بلاط الملك كان هنالك شاب ذو طبع نبيل ولكن مكانة فقيرة يشابه في صفاته أبطال قصص الحب والفروسية الذين يقعون في حب الأميرات. وكانت الأميرة مسرورة ومقتنعة بمحبوبها إذ كان وسيماً وشجاعاً لدرجة غير مسبوقة في كل أرجاء المملكة. وقد أحبته الأميرة بحب وبغيرة وتلهف متظمناً شيئًا من الوحشية بما يكفي ليجعله متقداً وقوياً. وأستمرت هذه العلاقة السعيدة لشهورٍ عدة إلى أن أكتشف الملك يوماً ما بوجودها. وعند ذلك لم يتردد الملك أو يتوانى في أن يقوم بما عليه فعله وبذلك أرسل الشاب فوراً إلى السجن وتم تحديد يوم لمحاكمته في حلبة الملك. وهذه كانت مناسبة خاصة ومهمة بالفعل فقد كان جلالة الملك والشعب بأكمله كذلك مهتمين جداً بإجراءات وتطورات هذه المحاكمة إذ لم يسبق من قبل حدوث حادثة مماثلة لم يسبق لأحد من العامة من قبل أن يتجرأ على الشروع الى حب إبنة الملك. بعد ذلك بسنين عديدة اصبحت علاقات مثل هذه أمراً عادياً ولكن في ذلك الوقت كانت امراً غير مألوفٍ ومرعباً.


وهكذا جرى البحث في أقفاص النمور في المملكة عن أكثر الوحوش ضراوة وقسوة والتي منها سيتم إختيار أشرس الوحوش لحلبة الملك. وفي مراتب العذارى الشابات والحسناوات في عموم البلاد جرى البحث بعناية بواسطة حكام مختصين لكي يحصل الشاب على عروس ملائمة له في حال لم يحدد له القدر مصيراً آخر. وكما هو متوقع المملكة بأجمعها كانت على علم بأن الذنب الذي قام به الشاب بالفعل قد حصل، لقد وقع في حب الأميرة ولا يستطيع هو أو هي أو أي أحد آخر على إنكار هذه الحقيقة. ولكن الملك بالطبع لن يسمح لأي حقيقة من هكذا نوع أن تتدخل في الحيلولة دون جريان المحاكمة والتي من خلالها هي الأخرى كان يستمد منها سعادة ورضى عظيمين. ومهما آلت إليه نتائج المحكمة في النهاية في كلتا الحالتين سيتم التخلص من الشاب. والملك سيشعر بسعادة غامرة وهو يشاهد جريان الأحداث والتي ستحدد فيما اذا كان الشاب قد أخطأ في السماح لنفسه أن يقع بحب الأميرة أم لا. حل اليوم الموعود وتجمع الناس من القاصي والداني وامتلأت الصالات الضخمة للميدان بالحشود .اما الجماهير التي لم تستطع الدخول فحشدوا انفسهم قبالة أسوار الحلبة الخارجية. أما الملك وحاشيته فتربعوا في أماكنهم المخصصة مقابل البابين المتماثلين، تلك المداخل المصيرية مرعبة جداً في تشابهها.


كل شيء أصبح جاهزاً. أعطيت الإشارة وإنفتح باب أسفل المجموعة الملكية وبذلك مشى محبوب الأميرة بإتجاه الحلبة. طويل القامة وحسن الطلعة ومتسماً بالعدل، مظهرة قوبل بهمهمة إعجاب و قلق. نصف اولئك الجماهير لم يكن لديهم معرفة بوجود هكذا شاب جليل كان يعيش بينهم . لا عجب إن الأميرة وقعت في حبه ويا له من أمرٍ شنيع أن يتواجد في هكذا مكان الآن. وفي أثناء تقدم الشاب الى الحلبة إلتف كما تجري العادة صوب الملك لينحني له. ولكنه لم يكن على الاطلاق يفكر بالشخص الملكي امامه، فعيناه كانتا منغمستان بالنظر للأميرة التي كانت جالسة الى يمين والدها الملك. ولولا تلك النزعة البربرية في طبيعة الأميرة لكان من المحتمل أن لا تحضر. ولكن نزعتها المتقدة المحمومة منعتها من تفويت هكذا مناسبة جذبت إنتباهها بشكل كبير. منذ اللحظة التي صدر فيها مرسوم المحاكمة والتي ينبغي فيها على محبوبها أن يقرر مصيره في حلبة الملك. لم تكن تفكر بأي شيء آخر ليلاً و نهاراً سوى بهذا الحدث الجلل وما سيؤول اليه. وكونها تملك سلطة، و تأثير، وشخصية مندفعة اكثر من أي شخص سبق وإن أهتم بهكذا قضية قامت بفعل شي لم يسبق لأحد قبلها أن يقوم بفعله.... فقد إستطاعت بنفسها من الحصول على سر هذين البابين. لقد عرفت في أي غرفة من هاتين الغرفتين اللتان تقعان خلف البابين يقع قفص النمر بواجهته المفتوحة، وفي أي منهما تنتظر الحسناء. من خلال هذه الأبواب السميكة المكسوة بستائر ثقيلة بجلود من الداخل كان من المستحيل أن يسمع صوت أو ضوضاء من الداخل الى الشخص المقترب من الخارج لرفع مزلاج أحدهما. غير إن الذهب وإرادة الأميرة القوية هما الذان جلبا السر الى الأميرة.


ولم تكن تعرف فقط في أي غرفة وقفت الحسناء مستعدة للخروج وهي متوردة الطلعة وبهية الجمال ما إن يفتح بابها بل كانت تعرف ايضا من تكون هذه الصبية. اذ كانت واحدة من أجمل وأحب فتيات البلاط في القصر. والتي تم إختيارها لتكون مكافئة الشاب المدان في حال إثبات برائته من جريمتة وهي التطلع الى إمرأة أعلى شأنا منه. وكانت الأميرة تكن الضغينة لها. غالبا كانت ماتراها أو تخيلت ربما رؤيتها. هذه المخلوقة الجميلة وهي تلقي نظرات الإعجاب بإتجاه شخص محبوبها وكانت تعتقد إن هذه النظرات كانت مستقبلة بل وحتى مردودة من قبل محبوبها. وبين الفينة والأخرى كانت تراهما يتبادلان الحديث رغم كون حدوث ذلك لبرهة أو إثنتين ولكن من الممكن ان يقال الكثير خلال هذه الفترة الوجيزة، وربما كان الحديث عن أكثر المواضيع غير المهمة، ولكن كيف من الممكن لها ان تعرف ذلك؟! الفتاة كانت لطيفة محبوبة لكنها تجرأت على وضع عينيها على محبوب الأميرة. وبكل شراسة الدم الذي إنتقل اليها عبر طوابير طويلة من الأجداد البربريين. كرهت تلك المرأة التي وقفت محمرة خجلاً وهي ترتجف خلف ذلك الباب الصامت. 

عندما إستدار محبوبها الشاب ونظر نحوها وإلتقت عيناه بعيناها وهي تجلس هنالك شاحبة وبيضاء أكثر من أي شخص آخر في ذلك المحيط الضخم من الوجوه القلقة المحيطة بها. أدرك من خلال القوة والصلة التي يمتلكها اولئك الذين تآلفت ارواحهم كروح واحدة، ادرك بأنها تعلم خلف أي باب يستقر النمر وأي باب تقف الصبية. كان يتوقع منها أن تعلم مسبقاً. لقد كان على علم بطبيعتها وروحه كانت مطمئنة بأنها لن ترتاح حتى تعرف يقينا بذلك الأمر الذي كان مخفياً للناظرين جميعاً حتى للملك نفسه.


كان الأمل الوحيد للشاب إن كان فيه أي شيء من اليقين كان يعتمد تماماً على نجاح الأميرة في الكشف عن هذا اللغز . وفي اللحظة التي وقع نظره عليها علم إنها نجحت في ذلك. كان يعلم في نفسه إنه لا بد لها أن تنجح. وبعدها إنطلقت منه نظرة سريعة قلقة نحوها تسألها سؤالاً : أيهما؟ وكان واضحاً لها كأنه قد صرخ به عالياً من مكان وقوفه. لم يكن هنالك فرصة لأضاعة أي لحظة. سئل السؤال في لمحة بصر ويجب أن يجاب عنه بلمحة أخرى. يدها اليمنى كانت مسندة على الحاجز المبطن أمامها. فرفعت يدها وقامت بحركة خفيفة وسريعة نحو اليمين. لا أحد غير محبوبها لاحظ ذلك كل الأعين ماعدا عيناه كانتا ثابتتان على الشاب وسط الحلبة. إستدار وبخطى ثابتة وسريعة سار متخطياً المساحة الفارغة. كل القلوب توقفت عن الخفقان، وقبضت كل الأنفاس وتركزت كل عين على ذلك الشخص ثابتة دون حراك. ومن دون أي تردد إتجه الشاب صوب الباب الذي الى اليمين وقام بفتحه.....


والآن يكمن مغزى القصة في السؤال التالي: هل خرج النمر من الباب أم خرجت الحسناء؟


كلما تأملنا في السؤال كلما أصبحت الاجابة عنه أصعب. إذ يتضمن ذلك دراسة وفهم القلب البشري والذي سيدخلنا الى متاهات خادعة مظللة من الشغف والتي سيكون من الصعب علينا أن نجد طريق الخروج منها. فكر في ذلك، أيها القارىء المنصف، ليس وكأن القرار يقع على عاتقك بل على عاتق تلك الأميرة سريعة الغضب شبه الهمجية في طبعها، روحها تحترق تحت نيران اليأس والغيرة. لقد فقدته لكن من سيحصل عليه؟ كم من المرات في لحظات يقظتها وفي أحلامها تشاهد برعب شديد مغطيةً وجهها بيديها وهي تفكر بمحبوبها يفتح الباب على الجانب الآخر حيث تنتظره أنياب النمر القاسية! ولكن كم من مرة اخرى تخيلته عند الباب الآخر وفي تصوراتها المؤلمة وهي ترص أسنانها وتشد شعرها عندما تتصور بهجته وحيويته وهو يفتح باب الحسناء! كيف روحها كانت تحترق بالعذاب عندما تتخيله يسرع لمقابلة تلك المراة بخديها المتوردين وعينيها اللامعتين بالنصر ؛ عندما تتخيله يسير بها للأمام وكيانه بأكمله متقد بالفرح إبتهاجاً بالحياة الجديدة ؛ وتتخيل سماع صراخ الجمهور سروراً ؛ والقرع الشديد لأجراس الفرح ؛ وترى الكاهن مع اتباعه المبتهجين متقدمين صوب الزوجين الجديدين معلناً إياهم زوجاً وزوجةً أمام ناظر عينيها مباشرة. وعندما تراهم يمضيان معاً مبتعدين عنها في طريق الزهور متبوعين بصياح الجمهور الغفير بالسرور والذي فيه تضيع صرختها اليأسة وتتلاشى. أوليس من الأفضل له أن يموت فوراً ويمضي منتظراً لها في البقاع المباركة في ذلك الطالع شبه البربري؟ ومع هذا ذلك النمر الضاري وتلك الصرخات اليائسة وذلك الدم! 

قرارها صدر في لحظة ولكنها اتخذته بعد أيام وليالٍ من الترددات المرهقة. كانت تعلم بأنه سيقوم بسؤالها. وقررت مسبقاً بماذا ستجيب. وبذلك وبدون أي تردد حركت يدها بإتجاه اليمين. 

سؤال قرارها هو سؤال لا يمكن مناقشته بإستخفاف وليس كذلك مخولاً لي لأكون الشخص المجيب عنه. وبذلك فسوف اتركه لكم جميعاً : ماذا خرج من الباب المفتوح،______


الحَسنَاْء أمِ النِمْر؟